تقديم:
بعد أن كانت عاطفة الحب الفطرية بين الرجل والمرأة من أكبر روافد الغزل تطورت معانيه في الإسلام، وتأثرت بعض جوانبه، خاصة أن حب الله ورسوله يجب أن يكون أعلق في النفوس، وأعظم في القلوب من حب أي شيء آخر، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ)([1])، فأصبح للقلوب مراتب في المحبة "فلم يكن ذلك النوع من الحب ليوجد لَوْ لَمْ يغز قلوبا عامرة بالعقيدة، مؤمنة بالروح وبالدار الآخرة، تعتنق فضيلة الزهد، وتؤمن بجهاد النفس، وتنتظر الثواب على العفاف بالحب"([2])
مظاهر الغزل في تلك الحقبة:
يعتمد الغزل العاطفي عند شعراء شنقيط في الفترة المحددة على الوجد ووصفه، مبتعداَ عن التوصيف للأعضاء والجسد، مشتغلا بتصوير حالة اللقاء أو الفراق[3]، فمن وصف حالة الفراق قول الذيب الحسني الكبير (عاش في صدر القرن 12، تمت الترجمة له)[4]: (البسيط)
ربع الأحبة بعد الظاعنين عفا
أغرى به الأوطف الهتان هيد به
قد ردني كلفا لما وقفت به
(وحسبنا الله) لما أن عفا وكفا([5])
وعارض هزج لم يعد أن وكفا
ولست أول من قد رده كلفا
فهو هنا يتأسف ويتحزن ويصطبر على فراق الأحبة، حين يردد: (حسبنا الله)([6]) كنوع من الإيمان بالقدر والقضاء، إذ لا راد لقضاء الله وقدره،
ويعتبر الغزل من أهم الأغراض الشعرية الموريتانية وأكثرها تأثرا بالقرآن، ربما محاباة من الشعراء للرقابة الدينية، يقول التقىي بن الشيخ: "ولعل استخدام الشعراء للمعنى القرآني في الغزل إنما هو مداراة ومحاباة للرقابة الدينية الصارمة"ف[7]الشاعر يوظف فيه تارة آيات قرآنية لزيادة إيقاع الشعر، وجملا ومقاطع قرآنية ربما تنقل الآية حرفيا، إما باقتطاع جزء منها أو إيرادها بأكملها.
الاقتباس بتضمين المقاطع القرآنية
وهو مؤثر في الإيقاع، ومجتزء للآية، ومنه قول المختار بن يبَّ الحسني([8]): (الخفيف)
بعث الشوق والأسى والخبالا
قعدت دراهم يبابا تغنى الـ
زور حلم أرى لعيني خيالا
ـورق فيها (الغدوّ والأصالا)
وورد هذا المقطع "الغدو والآصال" بدون إشباع للآصال في القرآن الكريم ثلاث مرات، في سور الأعراف(205) والرعد(15) والنور(36)، مما يريك تلازم هذين الوقتين في القرآن الكريم وكثرة تأثر الشعراء بهما، حتى أن ابن قتيبة عدّ هذين الوقتين من أحسن أوقات قرض الشعر، وأنت ترى امرئ القيس من المتقدمين يفخر بأنه يغتدي والطير في وكناتها، وترى من المتأخرين مطران في قصيدته المساء يقول: ورأيت في المرآة كيف مسائي.
إن الشاعر قرن ألف الوصل بالآصال إشباعا للروي، وتأثر هو الآخر بهذين الوقتين، حين بعثا فيه أصوات الأغاني، والأهازيج التي كانت تغنيهم حمائم الحب في جو من الهيام عريض.
وفي سياق التأثر بالمقاطع نجد التأثر في العروض والقافية والموضوع باديا في قول الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيديا (ت1247ه)[9] حين يتأثر بالمقطع القرآني كاملا في قوله: (الكامل)
أصحوت من راجي الشباب المسكر
بحر الغرام وردت من لجاته
يا لائمي أكثرت لكن لم أكن
دعني فأنت مذكر أهل الهوى
أم لست عن نشواته بالمقصر[10]
ما ليس بعد وروده من مصدر
لأميز بين مقلل ومكثر
مثلى و(لست عليهم بمصيطر[11])
وهنا ينقل لنا الشاعر هذا الحوار الذاتي، هذا الحوار الشخصي، هذا الحوار الذي درج عليه الشعراء حين ينتقدون العذال، ويتضجرون ممن لا يشعر بشعورهم ولا يرى نظرتهم للحياة، حينما يتذمرون من أصحاب النصح، وأصحاب التوجيه، لأنهم لم يصلوا إلى ما وصل إليه هؤلاء الشعراء من الحب والتذوق للجمال، والتعرف على الجمال، وإننا حين ننظر لهذه القضية داخل ديوان الشعر العربي القديم، نجدها حاضرة، شاهدة، بارزة، في مجال الغزل، في مجال التشبيب، في مجال النسيب.
إن قضية التصابي و العذال، إلى جانب قضية الشباب وسرعة انصرامه، وقضية الزمن عموما وتقلب صروفه، قضايا ملفتة داخل مخزون الشعر العربي القديم، والشاعر يقصد دائما بالعذال كل من لا يرى رأيته من الناس، حتى ولو كان غير ناصح، لكن الملفت هنا أن الشاعر نقل لنا هذا الحوار مع ذاته، حين جرد من نفسه عاذلا لها، عكس ما يفعله الكثيرون، فتراه يعاتب النفس ويجرعها على أن ترعوى عن غيّها، وتفيق من سكرها، فقد ولى زمن الشباب وانصرم عهده، وعليك أيها الغافل بالصدور بعد الورود، والصدود بعد الاندفاع، ثم ينتقل الشاعر من ضمير المخاطب إلى ضمير الغائب، بعد أن أنّبه ولامه ضميره الحاضر، ليجعل من نفسه الغائبة الحاضرة عاذلا لكل أهل الهوى والغرام من أمثاله، لكنه يذكر هذه النفس وهذا الضمير بأنه لازال متعقلا، لازال واعيا لأفعاله بعد رحلة التأمل هذه، بعد رحلة المناجاة هذه، ليستسلم للقضاء بالقدر، فنحن لا نملك من أنفسنا شيئا، فالله وحده هو الغالب على أمره، وهو المصيطر على خلقه، وأنت أيها العاذل مهما كان دورك، ومهما اتسمت به من حكمة، لا يتجاوز دورك التذكير والتذكير فقط، فالهداية من أمر الله، إنك لا تهدي من أحببت، ولست عليهم بمصيطر.
والجمال الفني الذي أكسبته الآية المعنى، وألبسته المبنى، واضح في قافية الأبيات (مصيطر)، فهي لفظة جزلة جاءت نهاية لآية قرآنية، وفاصلة لها، فانتبه لها الشاعر خاصة بعد تقديم "عَلَيْهِمْ" عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ «مُسَيْطِرٌ» لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ"[12]، فكان للفظة جرسها الموسيقي الجميل، والذي يشتمل إلى جانب نفي السيطرة والتسلط، على نوع من السمو في الإيقاع الحسي، الداعي إلى الهدوء والتأمل والانقياد مع اشتمال ما تتضمنه من معاني دالة على ما يريد الشاعر التدليل عليه لتعضيد الحجة، وتسويغ الرؤية، من عدم جواز الإكراه على الإيمان، أحرى الإكراه على عدم تذوق الجمال والتعبير عنه، والركون إليه، فشاركت اللفظة الشاعر في تلوين الصورة العامة للوحته الشعرية بقوة جرسها، وشاركته بمعناها المنساق مع ما كان يبحر فيه الشاعر من التمتمة مع ذاته، والتعبير عن ذلك التأمل بأسلوب فيه موسيقى هادئة تصور حالة النفس الهادئة المبحرة المتأملة.
ومن الاقتباس وتضمين المقاطع قول ابن الطلبة أيضا يعاتب عذاله قائلا[13]: (الخفيف)
فتن القلب يا لقومي فتونا
بغضيض يرد بالنفث منهم
لا تلوموه إن يجن عليها
فدعونى فليس عندي صبر
بينما هو غافل قد تناسى
دل ميمون، فاستجن جنونا
فعله بالمغفل البابلونا
أفلا تعقلون أو تبصرونا
وانظروا كيف عذلى تصبرونا
ما مضى من صباه إلا ظنونا
والشاعر كما ترى يطرح تساؤلات عميقة من قبيل أن ماتعرض له من هوى محبوبته سحر كالسكر يذهب العقل، وأن من مسه السحر لا يمكن أن يعامل معاملة العقلاء، مستحضرا أكبر أنواع السحرة التى ذكر القرآن، وهم البابليون من هاروت وماروت، حيث ذكر القرآن أنهم من شدة خبرتهم به وتأثيره يفرقون به بين المرء وزوجه، قال جل من قائل: ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ[14])، ولم أتتبع كل المواضع التى استحضر فيها الشاعر النص القرآني داخل النص نظرا لأنى أكل ذلك للقارئ الذي يكاد يدرك معى أن جل القوافى تحيل بلازمة المعنى لفواصل قرآنية.
الغزل العذري
لا يبتعد الشاعر سيد محمد ولد الشيخ سيديا في أبيات له أخرى عن هذا النسق حين يورد الآية كاملة في قوله[15]: (الكامل)
لما عدمت إلى الحبيب رسولا
أرسلت طيفي في المنام لطيفه
وطفقت أتلوا إثره "يا ليتنى
وعدمت يقظانا إليه رسولا
وجعلت آيات الغرام دليلا
كنت اتخذت مع الرسول سبيلا"
و هذا النص يرينا ويبرز لنا جانبا آخر من جوانب الشاعرية عند الرجل، وهي التي يتصف فيها بالحب العذرى، الحب الذي يكتفي فيه صاحبه بالتشبيب ووصف الوجد والشوق والشعور والحنين، حين لم يجد من محبوبه إلا الهجران، وحين اكتفى في سبيل الوصل بإطلاق طيفه لطيف المحبوب، في تصور هيامي نفسي عذري، ينم عن شغف وعشق كبيرين، لكنه يشى في الوقت نفسه بالرضا بهذا النوع من الوصال، حيث يأبى أن يتخيل الفحش أو هتك الأستار، وكأن التعبير عن الشعور بهذه الطريقة يشفي لنفسه بعضا من غلته الشغوفة، ويسقي جزءا من عاطفته المتأججة المائلة.
وعندما ننظر لهذه الأبيات بموضوعية الناقد، نجد أنها مع ما اتسمت به من خلق عاطفي نبيل، وصور شعرية خلابة، كانت لفظة "رسولا" تمثل فيها جناسا تاما، كانت الأولى تعنى وصالا، والثانية تعنى موصلا، مما جعل البيت مصرعا، إلا أن ظاهرة الصدق الفني-والتي يجسدها الإيقاع إلى جانب الألفاظ- كانت بادية للأذهان، وربما اقتربت بسبب إيقاعها المعتدل إلى تمثل ذهني للشاعر حاول من خلاله مجاراة أبيات النسيم السابقة[16]، وهذا يبرزه عامل آخر هو أن الغرض والموضوع والفكرة واحدة، والآية المقتبس منها واحدة، واللفظ إنما هو وعاء للمعنى، ويتأكد هذا حين نحذف البيت الأخير لنجد أن الفكرة اختلت، وأن الصورة بهتت، وهذا شأن أي حذف لأي جزء من الصورة الشعرية، لكنه يكون هنا أوضح في أن البناء الشعري ينهار بمجرد حذف البيت الأخير، فكأنه هو الأساس، وهو المعتمد لدى الشاعر في باعث النظم أصلا، وهذا يصدق حدس ما ذهبنا إليه من أن الشعراء الشناقطة يستحسنون تضمين القرآن في أشعارهم.
ويؤكد أيضا من جهة أخرى أن الأبيات الشعرية للقصيدة الشنقيطية، كانت تتميز بوحدة الغرض والموضوع، وهذا ينفي بعضا من الأحكام التي كان يطلقها البعض من أن الشعر الشنقيطي نظرا لمرجعيته الجاهلية -والتي لاشك أثرت في بنيته العامة وأغراضه ولغته- جاء شعرا كلاسيكيا منفصل الأبيات ومجتزء المعاني، ومنفصل الرؤى والأفكار.
ولفظة (سبيلا) التي كانت هي قافية للأبيات، وردت فاصلة قرآنية للآية: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا[17])، ووردت "سبيلا" فاصلة قرآنية ل25 آية أخرى داخل القرآن الكريم، مما يدلك على أنها ولتعددها في الفواصل القرآنية، أكسبت -في ورودها- الأبيات جمالا، فهي قافية مطلقة، انتهت بألف الخروج، حتى كأنك تحس أن الأبيات في بنيتهم، إنما جاءوا من أجل تضمين الآية، وتوظيفها، كما ذكرت لك، ومما يؤكد لك ما افترضناه من تعلق القوم بالقرآن، وتوظيفه، واستحسان معانيه داخل أوزانهم الشعرية، والترصد لكل ما من شأنه أن يوظف أو يصلح بموسيقاه التركيبية لذلك.
اقرأ معي قول سيد محمد ولد الشيخ سيديا حين يقول في قصيدته الأخرى موظفا أيضا جزءا من الآية[18]: (الكامل)
من حب شرك آيسا من غيره
فاخترت صرما منكم عن وصله
واخترت خيرا منكم عن نفعه
ورضيت ما لو سامنيه سواكم
وعزلت عني الناس حتى صرت من
وإذا رأيت الخائضين حديثكم
صونا لسر هواكم عن خوضه
أقصيت من أنا طامع في خيره
واخترت لا كم عن أجله وجيره
واها، لنسبة نفعكم من خيره
أغضضته بخصي أبيه وأيره
يرني يقل هذا راهب في ديره
أعرضت عن ذاك المجال وسيره
(حتى يخوضوا في حديث غيره[19])
لقد أرغمت القافية الشاعر إلى بناء القصيدة على هذا النسق العروضي الخاص، وعلى هذه القافية الصعبة، وعلى هذا الروي ذي الإشباع بالكسرة، والروي ذو الكسرة من أصعب الأشعار عند الشعراء، فاتضح ما في الأبيات من تكلف، وبدا ما فيها من تعسف من أول الأبيات، إلا أن استحسان هذا التضمين ربما هو الهدف من ذلك، وهو ما حفز الشاعر على السير على هذا الروي، للاقتباس من الآية، فبنى القصيدة كلها عليها، بدليل أنه لو حذف البيت الأخير لا اختفت معه الجمالية الواضحة للنص، وبدليل أن الشاعر اضطر لكلمات من القافية كان بإمكانه الاستغناء عنها مثل (أيره)، التي تعتبر كلمة نابية إلى حد ما، ولو أنها جاءت في سياق مقبول، وأدخلت في تركيب معقول.
أعتقد أن الشاعر-وهذا ليس عجزا منه- لم يوفق في الجمالية العامة للنص، لأنه بناه على أساس الاستعداد لتساوق المعاني لتضمين الآية، فجاء نصه متفاوت السبك، متباطئا في الموسيقى، معقد الروي، لكنه مع ذلك حين ننظر إليه من الخارج، نرى أن الآية أكسبته وكسته ثوبا قشيبا كان بحسن تخلص وختام من أروع ما يكون.
خاتمة:
إن حضور الاقتباس كان جليا كما ظهر في النصوص التي ظهرت لك مع أن الرقابة الفقهية كانت لصيقة، ومن تجلياتها طغيان الجانب الفقهي على الجاب الأدبي، فبعض الفقهاء الشعراء يترك أغراضا معينة في تلك الحقبة نتيجة لعوامل اجتماعية أو نظرا لطابع الفقهية الصارم "ولقد ساعده في عزوفه عن بعض الأغراض الشعرية حضور أنا الفقيه، إلى جانب أنا الشاعر، فتولدت نظرته الأخلاقية المتشددة حيال كل ما يخدش الحياء أو يمس الأعراض في تماه بين الأناوين، اللتين تتجاذبان أطراف الثقافة، تتوكأ الشعرية على أخلاق الفقهية، وتستثمر الفقهية الشعرية في بث قيمها وتعاليمه"[20].
المصادر والمراجع:
- القرآن الكريم وكتب الصحاح.
- ابن اباه، محمد المختار/ الشعر والشعراء في موريتانيا
- ابن الشيخ التقي/ أثر القرآن في الشعر العربي، الشعرالشنقيطي نموذجا.
- ديوان الشيخ سيد محمد ولد الشيخ سيديا، مخطوط بحوزتي، أمديى به أمين مكتبة حفيد الرجل.
- بن عاشور الطاهر، التحرير والتنوير.
- محمد سعيد، أطروحة دكتوراه، تجربة الشعر العربي المعاصر في موزريتانيا، سيرورة الوعي وتجليات الحداثة، 2015، من كلية الآداب-فاس.
- التيار الإسلامي في شعر العصر العباسي الأول/ مجاهد مصطفى بهجت.
[1]
[1] - سورة البقرة: 165.
[2] - التيار الإسلامي في شعر العصر العباسي الأول: ص 294.
[3] - ونحن نعلم كيف وجه الإسلام أخلاق الناس، وضبط سلوكهم، وبين لهم كيف يشبعون رغباتهم وغرائزهم بقوانين ومساطر محددة عبر الزواج، فقد وجه النبي صلي الله عليه وسلم الشباب إليه فقال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) صحيح البخاري/ 1905، كتاب بدإ الوحي، وكان بذلك قد استبدل خلق الفجور والمجون بالعفاف والتقوى، وقصة الشاب الذي جاءه يريد الزنا شاهدة، حيث سأله أتحبه لأمك؟ قال: لا، قال أتحبه لأختك؟ قال: لا، حتى سأله عن كل المحارم، وفي الأخير فهم الشاب الحكمة فطلب الدعاء، فدعا له النبي صلي الله عليه وسلم، فكان بأبي هو وأمي أعظم مرب وأحسن معلم، يستمع لهموم الشباب دون حياء، ويوجههم بكل لطف ورفق وإباء، يوجههم إلى مكارم الأخلاق وفضائل الشيم. راجع الحديث أخرجه أحمد في مسنده/22265.
[4] - هو شاعر مفلق، لا يعلم له تاريخ وفاة محدد.
[5] - الشعر والشعراء في موريتانيا: ص 87.
[6] - سورة التوبة: 55.
[7] - التقي بن الشيخ/ أثر القرآن في الشعر العربي، الشعرالشنقيطي نموذجا/ ص101.م/س
[8]- ابن اباه، الشعر والشعراء: ص 216، م/س، ولم نجد له تاريخ وفاة، قال ابن اباه في ترجمته: عاش في القرن 13ه، ص80.
[9] - وقد عده الدكتور محمد المختار ولد اباه من المستقلين، حين جعل في مقال له اتجاهات الشعر الشنقيطي في القرن 13ه ثلاث اتجاهات:
- اتجاه بلاغي ذكر أن من أهم رواده ابن رازكه السابق الذكر.
- اتجاه أنصار القديم: وقد جعل من أهم رواده ابن الطلبة، وهو اتجاه متأثر باللغة الجاهلية والشعر الجاهلي القديم.
- اتجاه مستقل: وهو الذي عد منه سيد محمد ولد الشيخ سيديا، وخاصة في رائعته العينية التي مطلعها:
يا معشر الشعراء هل من لوذع*** يهدي حجاه لمطلع لم يسمع
إني هممت بأن أقول قصيدة*** بكرا فأعياني وجود المطلع
ومع أن هذا تقسيم كان في وقته أول تقسيم، وقد سار عليه الكثير من الدارسين، إلا أنه لا توجد حدود فاصلة وجامعة مانعة له، مما جعل البعض يري أنه متجاوز، بتقسيم جديد، يجعل كل الشعر القديم شعرا كلاسيكيا، وأن جل الشعر الحديث ما بعد الاستقلال شعرا محدثا، وأن الروافد الشعرية والعلمية والفكرية وإن اختلفت وتعددت، لكن يبقي للشعر ميسمه وخصوصيته في التعبير عنها عند الاطلاع عليه، وهو ما يري الدارسون أن المنهج الفني هو ما يأخذ على عاتقه بآلياته التحليلية تلك المزية، حين يستعين به الناقد المبصر، وحين يوظفه بموضوعية وتجرد.
[10] -الأبيات من ديوان الشيخ سيد محمد، مخطوط بحوزتي، أمديى به أمين مكتبة حفيد الرجل، ص27
[11] الغاشية/ 22
[12] - بن عاشور الطاهر، التحرير والتنوير، ص592، م/س
[13] الديوان/ 495-497
[14] البقرة/102
[15] - الديوان، م/س، ص43
[16] - وردت في الباب السابق، عند قول القاضي محي الدين بن عبد الظاهر في معشوقه المسمى "النسيم" مثل هذه الأبيات.
[17] الفرقان/27
[18] الديوان/ 28
[19] - النساء/ 140، الأنعام/68
[20] محمد سعيد، أطروحة دكتوراه، تجربة الشعر العربي المعاصر في موزريتانيا، سيرورة الوعي وتجليات الحداثة، 2015، من كلية الآداب-فاس، ص30