في رثاء الشاعر المرحوم الشيخ ولد بلعمش:
ما غاب طيفُك عنا والمدى قلق**
نحتاجُك الآن.. كي يزهو لنا الأفقُ
نحتاجك الآن.. كي تنجو مراكبُنا**
من لجة البحر، حيث التيه والغرقُ
عام مضى، ودموع العين ما نشفت**
تبكي عليك؛ وهذا القلب يمّزقُ
قد كنت تتلو علينا ماتيسر من**
آي الجراح، ومن للحلم قد سرقوا
فكان شعرك مرآة لواقعنا**
وكان شعرك مرآة لمن سبقوا
تمضي إلى ملكوت الله زنبقة**
من النقاء عليها يزهر الحبق
نُبْلُ النخيل الذي لا ينحني أبدا**
للعاصفات، وَطُهر زانه خلقُ
"بدأت مسراك من شنقيط" قافلة**
من الضياء توارى خلفها الغسقُ
نَثَرْتَ شِعرك أنفاسًا مُعطّرة**
بدار (زايد) والأقوام تستبق
فكنت فارسهم في كل معتركٍ**
وكنت أفصحهم بالضاد إن نطقوا
وحين ضَجّت بلاد العُرب متعبةً**
من الطّغاة، وعم الظلم والفَرَقُ
كانت قصائدُك الثّكلى مُجَلْجِلَةً**
ولم تُهادِنْ لمن خانوا، ومن فسقوا
يرفُ قلبُك إن ناحت مطوقة**
فكيف يسلم والأوطان تحترقُ
(صنعاء)..ظلم ذوي القربى يزلزلها**
وياسمين (دمشق) مابه عبقُ
و(القدس)..تشكو وقد بُحّت مآذنها**
و(دوحة) المجد با لأسوار تختنق
نحتاج هُدهد إشراقٍ يضيءُ لنا**
من عتمة الليل ما ضاقت به الطُرق
مازال شعرك موالا نردده**
كأنه بشغاف الروح يلتصق
أنّسْتَ بَطْن الثرى، أوحشت ظاهِره**
والجَفْنُ بَعْدكَ قد أزْرَى به الأرَقُ
والطّيبون تعافُ الأرض صُحبتهم**
لأنّهم لذُرى العلياء قد خلقوا
.......