"نحتاجك الآن.."// شعر محمد سيدنا عمر

في رثاء الشاعر المرحوم الشيخ ولد بلعمش:

 

ما غاب طيفُك عنا والمدى قلق**
نحتاجُك الآن.. كي يزهو لنا الأفقُ

نحتاجك الآن.. كي تنجو مراكبُنا**
من لجة البحر، حيث التيه والغرقُ

عام مضى، ودموع العين ما نشفت**
تبكي عليك؛ وهذا القلب يمّزقُ

قد كنت تتلو علينا ماتيسر من**
آي الجراح، ومن للحلم قد سرقوا

فكان شعرك مرآة لواقعنا**
وكان شعرك مرآة لمن سبقوا

تمضي إلى ملكوت الله زنبقة**
من النقاء عليها يزهر الحبق

نُبْلُ النخيل الذي لا ينحني أبدا**
للعاصفات، وَطُهر زانه خلقُ

"بدأت مسراك من شنقيط" قافلة**
من الضياء توارى خلفها الغسقُ

نَثَرْتَ شِعرك أنفاسًا مُعطّرة**
بدار (زايد) والأقوام تستبق

فكنت فارسهم في كل معتركٍ**
وكنت أفصحهم بالضاد إن نطقوا

وحين ضَجّت بلاد العُرب متعبةً**
من الطّغاة، وعم الظلم والفَرَقُ

كانت قصائدُك الثّكلى مُجَلْجِلَةً**
ولم تُهادِنْ لمن خانوا، ومن فسقوا

يرفُ قلبُك إن ناحت مطوقة**
فكيف يسلم والأوطان تحترقُ

(صنعاء)..ظلم ذوي القربى يزلزلها**
وياسمين (دمشق) مابه عبقُ

و(القدس)..تشكو وقد بُحّت مآذنها**
و(دوحة) المجد با لأسوار تختنق

نحتاج هُدهد إشراقٍ يضيءُ لنا**
من عتمة الليل ما ضاقت به الطُرق

مازال شعرك موالا نردده**
كأنه بشغاف الروح يلتصق

أنّسْتَ بَطْن الثرى، أوحشت ظاهِره**
والجَفْنُ بَعْدكَ قد أزْرَى به الأرَقُ

والطّيبون تعافُ الأرض صُحبتهم**
لأنّهم لذُرى العلياء قد خلقوا
.......