هَا قد بَدا؛ ينشرُ الأحزانَ مُلتهِبَا
أيَحتفي مثل سفّاحٍ بما غَصبَا؟!
أتى من الشرق يَحدُو الشمسَ دون هُدى
لكنها غربتْ دوما وما غربَا
يجتاح كل زوايا الأرض مخترقا
أعتى الحصون كسَيْلٍ دَكَّ كلّ زُبَى
ها قد بدا؛ لا يُرى إلا وقد فتكتْ
أسراره بأمان الروح وانتشبا
فازّاور الناس عن بعض على مضض
وكمّموا كلّ وجه وانزوَوْا هرَبا
كأنهم أوجسوا من شَرّ غائلة
من السماوات حطّت فامتطوا شهبا
فاستوحشت مُدنُ الأحلام وانطفأتْ
أنوارُ بهجتها عن أن ترى طربا
لكنه لم يزد أن ظل مُتخذا
سَبيلَه في حنايا الصدر مُنسرِبا
فاجتث من حُبنا ما اجتث فاقتُلِعتْ
من الشغاف ورودٌ تُزهر النسبا
فذا يتيمٌ وذي عَجيّة وذِهِ
ثَكلى وذاك لطيمٌ خارَ فانتحبا
وهؤلاء على أعصابهم وقفوا
لمّا توطَّنَ في أحشائهم ورَبا
لكنّ مُنتشَلا من عِبء سطوته
كمَيِّتٍ فُضّ عنه القبرُ وانتَصبا
يحكي على الناس عن ما قَضّ مضجعهُ
وبثّ في رِئتيْهِ الجمرَ واللهبا
وعن جُنودٍ به حَفُّوا ملائكة
ليرتقوا للشفاء المُرتجى سبَبا
ها قد بدا المنتشي فتْكًا بشَقوتِنا
أما كفاك من الأرواح ما سُكبا؟!
أقلِع بإذن الذي آتاكَ مقدرة
أو غِض كما غاض ماء الفلك أو نَضبا
قامت قيامتكَ الأولى فما قصَمت
ظهرَ الحياة من الدنيا بما سُلبَا
قامت قيامتك الأخرى فمُت وَجلًا
إنا بنو الأرض فتَّاكونَ إن وَجبا