القصيدة الفائزة بالمرتبة الأولى بمهرجان
المدن التاريخية بدورة تيشيت الأولى
نُـورٌ بِغَرْغَـرَةِ الأُفُـولِ تجَلَّـدَا
وَبِحُضْنِهِ وَجَعُ الحُـرُوفِ تَنَهَّـدَا
يُضْفِي عَلَى ضَحِكِ القِفَارِ شُرُوقَهُ
حَتَّـى إِذَا طَرَقَ المَسَـاءُ تَجَـدَّدَا
فَيَدُبُّ فِي رِئَةِ الرِّمَـالِ شُـعَاعُهُ
مُدُنًا كَحُورِ الأَرْضِ يجْمَعُهَا المَـدَى
مِنْ أَلْفِ عَامٍ كَانَ يَصْدَحُ حِبْرُهَـا
مِلْءَ الدَّوَاةِ عَلَى الرُّبَـى مُتَفَـرِّدَا
*
فِي رُوحِ شِنْقِيطَ المَوَاهِبُ تَرْتَـدِي
عَبَـقَ الفَخَـارِ إِذَا سَمَا وَتَسَـوَّدَا
وَتَرُشُّ مِحْبرَةُ الخُلُودِ عَلَى الخُطَـى
مِسْكًا يَفُوحُ عَلَى المَنَابِـرِ مُرْشِـدَا
فَتَرَى الهِضَـابَ إِذَا تَعَانقَ حُزْنُهَـا
عِنْدَ الأَصِيـلِ جَلَتْ بِوَادَانَ الصَّدَى
نَبْعٌ بِـرَيِّ الرُّوحِ يَنْزِفُ دَمْعُــهُ
لَوْنَ الغُرُوبِ .. وَيَسْتَفيق مُهَـدَّدَا!
وَتَرَى عَلَى سُرُجِ السَّرَابِ رُؤَى الَّتِي
تَهَـبُ الحَيَـاةَ عَبِيرَهَـا المُتَعَـدِّدَا
تِيشِيتُ جَوْهَـرَةٌ تُمَاثِـلُ فَرْقَـدًا
في جُبِّ يُوسُفَ مَنْ يَمُدُّ لهَا اليَـدَا؟
وَوَلاَتَ هَـاءَتْ لِلذُّبُـولِ كَأنَّهَـا
نَاءَتْ مِنَ الأَلَقِ الذِي نثر الهُـدَى
يَتَشَعَّبُ القَبَـسُ المُـدَارُ بِكَفِّهـا
فِـي كُلِّ يَوْمٍ طَامِسًا حُفَرَ الرَّدَى
*
مَـا إِنْ تَعـانقَتِ المَـآذِنُ مَـرَّةً
حَتَّى جَثَتْ قِبَبُ المَدَائِنِ سُجَّـدَا
زَفَّتْ عَلَى حُجُبِ الظَّلاَمِ مَشَاعِـلاً
مِنْ نُورِهَا دَرْبُ القُلُوبِ تَوَحَّـدَا
فَتَقَطَّعَتْ سُبُلُ الضَّلاَلِ .. وَأَوْرَقَتْ
جُزُرُ الهدايَةِ .. فِي يَدٍ زَرَعَتْ غَدَا
*
أَرْحَامُ مَجْدِكَ كَادَ يَنْسِفُ ذِكْرَهَـا
غَدْرُ النُّحُولِ فَكُـنْ لَهُ مُتَرَصِّـدَا
وَتَحَـرَّ مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ لَهَا مَعًـا
نَبْعَ الوَفَـاءِ بِفَصْلِ جَدْبِكَ مَـوْرِدَا
الأُمَّهَـاتُ تَرَكْـنَ صَرْحَ أَمَانَـةٍ
وَالْبِـرُّ أَوْجَبَ أَنْ يُقَـامَ مُجَـدَّدَا
فَاحْمِلْ عَلَى صَـدْرِ البِنَاءِ مَقَامَـهُ
وَاضْرِبْ مَعَ الفَجْرِ المُغَرِّدِ مَوْعِـدَا
النَّائِبَـاتُ عَلَى الكَرَامَـةِ سَيْفُهَـا
فَاجْعَلْ تُرَاثَكَ فِي القُلُوبِ مُشَيَّـدَا