"سفر في ملامح الفراغ"/// شعر عبد الرحمن الناجي

 

تنــامى   ليلُــه    حـتى   تــوارى * و حـدَّقتِ الجـهـات به  فـحـــارا

عـلى شفتيْه جدب اللـون يطغى * فكيف تحـاول اللغــة اخضـرارا ؟

 

مـدائـنُ للسقُــوط الآن تــمشــي * و أرضٌ كـلهــا   تلــج   انْــهيــارا

و ليــلٌ مـدَّ في المعــنى يـديـــه * ليلغــيَ  عن نــوافــذه  النَّــهــارا

و نهــرٌ بــايــعَ  الصحــراء زُلــفى * لكــي تـسقـيـهِ مــاءً مُــستعـــارا

و نخْــلٌ ينحنــي للــريــح ، ظــلٌّ * يخــون المتعبــيــن قد استـدارا

و عمــرو يبسـط الـرمضــاء كـــفا * تصـافـح باللهــيب مـن استجــارا

 

هـو الـوطـن المــفـرَّغ مـن حِـمــاه * هـو المـنْــفى و نـحـن بــه أســارى

تبعثَــر فـي مـرايـا  الـريـح  وجـها  * طغت في مـاء فحـواه الصحــارى

تحاصره الفِخـاخُ  فليـس يمشــي * إلــى جهــةٍ  خُـطىً  إلا  انتـحــارا

إلى الغــرق الأخيــر يُســاقُ حـتَّى * يُقــاسمَ  رملُـــه الوجـعَ   البحــارا

بداخلــه سنيــنُ العشــب  تُمْــحى * و في دمــه عـراء الــروح  ســـارا

حكــايتُـه مـن الأشـجــار  صِــفــرٌ * و أكملَ عشــبُ قصَّتـه اصفــرارا

قبــائلُــه  مُـتــون  مـــن  رمــــال * تربِّــيـها الريـــاح  لهــا   غــبــــارا

 ‏مُـجـفَّــفَـةٌ إلى محـــو  أخـــيـــر *  و تُـشهـدُ  آخـرَ اللحظــاتِ عـــارا

رجــالٌ يكـبــرون علــى  فــــراغٍ * و يحـتملــون   أفئــدةً   قـفــــارا

عرايا من بياض الطين ،  غرقـى * برمل  الـوهـم .. أقدامٌ حيــارى

يُنــاديــهمْ  إلى الجـوديِّ   نـــوحٌ  * و ليْـس  يَـزيــدُهـم  إلا  فــــرارا

 

و نحن على انتظار الفجر شعبٌ  * تشـــيـبُ رؤى  ليـاليـنا صغـــارا

دخلنـا التـــيهَ مذ دهرين  نَهْـوي * و لم نُؤنسْ بليْــل  الطُّــورِ نــارا

فلا جهـةٌ لنعــرف  أين نمـضــي  * و لا وقــتٌ  نـشدُّ بـه  انتِـظـــارا