تنــامى ليلُــه حـتى تــوارى * و حـدَّقتِ الجـهـات به فـحـــارا
عـلى شفتيْه جدب اللـون يطغى * فكيف تحـاول اللغــة اخضـرارا ؟
مـدائـنُ للسقُــوط الآن تــمشــي * و أرضٌ كـلهــا تلــج انْــهيــارا
و ليــلٌ مـدَّ في المعــنى يـديـــه * ليلغــيَ عن نــوافــذه النَّــهــارا
و نهــرٌ بــايــعَ الصحــراء زُلــفى * لكــي تـسقـيـهِ مــاءً مُــستعـــارا
و نخْــلٌ ينحنــي للــريــح ، ظــلٌّ * يخــون المتعبــيــن قد استـدارا
و عمــرو يبسـط الـرمضــاء كـــفا * تصـافـح باللهــيب مـن استجــارا
هـو الـوطـن المــفـرَّغ مـن حِـمــاه * هـو المـنْــفى و نـحـن بــه أســارى
تبعثَــر فـي مـرايـا الـريـح وجـها * طغت في مـاء فحـواه الصحــارى
تحاصره الفِخـاخُ فليـس يمشــي * إلــى جهــةٍ خُـطىً إلا انتـحــارا
إلى الغــرق الأخيــر يُســاقُ حـتَّى * يُقــاسمَ رملُـــه الوجـعَ البحــارا
بداخلــه سنيــنُ العشــب تُمْــحى * و في دمــه عـراء الــروح ســـارا
حكــايتُـه مـن الأشـجــار صِــفــرٌ * و أكملَ عشــبُ قصَّتـه اصفــرارا
قبــائلُــه مُـتــون مـــن رمــــال * تربِّــيـها الريـــاح لهــا غــبــــارا
مُـجـفَّــفَـةٌ إلى محـــو أخـــيـــر * و تُـشهـدُ آخـرَ اللحظــاتِ عـــارا
رجــالٌ يكـبــرون علــى فــــراغٍ * و يحـتملــون أفئــدةً قـفــــارا
عرايا من بياض الطين ، غرقـى * برمل الـوهـم .. أقدامٌ حيــارى
يُنــاديــهمْ إلى الجـوديِّ نـــوحٌ * و ليْـس يَـزيــدُهـم إلا فــــرارا
و نحن على انتظار الفجر شعبٌ * تشـــيـبُ رؤى ليـاليـنا صغـــارا
دخلنـا التـــيهَ مذ دهرين نَهْـوي * و لم نُؤنسْ بليْــل الطُّــورِ نــارا
فلا جهـةٌ لنعــرف أين نمـضــي * و لا وقــتٌ نـشدُّ بـه انتِـظـــارا