تميز اليوم الثاني من فعاليات الدورة السادسة من "مهرجان نواكشوط للشعر العربي" باستماع الجمهور إلى الأصبوحة الشعرية الأولى بمقر بيت شعر نواكشوط، والتي قدم من خلالها خمسة شعراء ثلاثة من موريتانيا وشاعر من السنغال تجاربهم الشعرية المتعددة الأغراض.
وبدأت الأصبوحة الشعرية، التي أدارها الإعلامي الحسن ولد محم، بقصائد للأستاذ الشاعر محمد محمود (ممود) بلبلاه. ومن ضمن القصائد التي ألقى قصيدة بعنوان "شمائل الأسلاف" يقول فيها:
شرفٌ وإحسانٌ وعدلٌ وافِ
عنوانُ أصل شمائلِ الأسْلافِ
في موريتانِ محطُّ رحل المجتنبى
دورُ العلوم ونزهَةُ القُطَّافِ
الاِحسانُ والإيتان من عاداته
والبذل للأضيافِ في الأعراف
شيمٌ من الإحسان تُوتي أُكْلَها
في كل جيلٍ جدّ بالأضعافِ
**
شعبٌ تزينُ بلادَه أطيافُهُ
متعارف الأجناس والأطيافِ
**
متعددُ الأصناف وهو موحّدٌ
بالدين رغمَ تعدّد الأصناف
كما أنشد نصوصا أخرى تنوعت في الأغراض والمضامين.
بعد ذلك استمع الحضور إلى ضيف المهرجان الشاعر شيخنا أحمد التيجاني امبودج (السينغال)، الذي أنشد من قصائده:
منذ نوح والرمل يجري وأجري
والمسافات بيننا شوق نهر
كلما قيل:
من تحاول غيم،
زاد طولا غصن الحياة بفكري
ظمأ ما بداخلي ولأني
للصحاري أنحاز لا للبئر
ولأني أخشى الهبوط إلى
نفسي أسمي المجاز أحلى مقر
في مساء لم تخطف الحرب طفلا
والرصاصات إخوة للطير
والغروب الخفيف
يحكي عن البحر
ما سال من حكايا الفجر
مثله كنتُ طاعنا في غيابات
ظلالي
كأنّ وجهي قبري
مثله كنت
مثل أي قصيد
يتغنَّى على الطلال القفر
مثله...
واغتربتُ حتى احتواني
واحتوى غربتي-هنا- بيتُ شعر
حين أرنو إلى الوجوه
أراني أتشفّى من الغياب المر
يا نواكشوط كيف لم يُذِب
الشوق غريبا على حدود النهر
هكذا
علّق السؤالُ يد الوقت
وأحلى الجواب في "اللاأدري"
قد تفك الأشواكُ فلسفة الورد
إذا ذاب عاشق في العطر
أما الشاعر أبوبكر المامي فقد قرأ قصائد من تجربته الشعرية، بدأها بقصيدته "
آخِرُ مَا قَالَ لِي الْحُب "، التي يقول فيها:
قالَ لِي الْحُبُّ حِينَ تَسَمَّرْتُ في مَقْعَدِي
لَا تُغَادِرْ مَكَانَكَ وَابْقَ هُنَا
فلَنَا مَوْعِدٌ قَادِمٌ وَغَدٌ
سيَكُونُ هُنَا!
فَانْتَظِرْ شَامِخًا بَاذِخًا وَانْتَظِرْ
فَالْقَوَافِلُ والشّعْرُ
كَانَا هُنَا
تَوْأَمَانِ يَشُقَّانِ دَرْبَ الرِوَايَةِ
كانَا هُنَا
قُلْتُ يَا سَيدِي الْعَبْقَريُّ الْفَرِيدُ
لقد كُنْتَ فِينِا وَلَازِلْتْ
نَحْنُ جِئْنَا لِنَقْرَأَ
مَا قَالَهُ الْحُبُّ فِيكَ لَنَا مِنْ جَدِيدْ
رائحةُ الطَّلْحِ، أَوْ نَسَمَاتٌ مِنَ النيلِ
أَوْ قَادِمَاتٌ مَعَ الصُّبْحِ
أَوْرَادُ شَيْخٍ جلِيلٍ
رَذَاذٌ حَزِينٌ
يُبَدِدُنَا كَخُشُوعِ الْجَمِيلَاتِ
في لَحْظَةِ الْحُّب
مِثْلَ الْأَنِينِ..
وَيَسْرِقُنَا دُونَ وَعي بتاريخنا
لَاتَزَالُ هُنَا مَاثِلًا بَيْنَ عَيْنَيَّ حيًا
وأَقْرَأ سفرك
أَشْدُو بِذِكْرِكَ
أَعْرِفُ أَنَّكَ فِي عِزَّةِ الطَّوْدِ
لَا زِلْتَ يَا سَيدِي وَاِقفًا
مثل نَخْلَتِكُمْ في الْفَنَاءْ
كُنْتَ تَعْبُرُ نَحْوَ الثَّقَافَاتِ
كَيْ لَا يَطَالَكَ ضَيْمُ الْحُدُودِ
وَضِيقُ الْفَضَاء
قُلْتُ : يَا أَيُّهَا الْعَبْقَرِيُّ الْفَرِيدْ
لَيْسَ هَذَا قَصِيدًا وَلَيْسَ نَشِيدْ
إِنَّهُ بَعْضُ مَا قَالَ فِيكَ لَنَا الْحُبُّ
يا سيدي مِنْ جَدِيدْ
بدوره، قدم الشاعر محمد المختار محمد أحمد قراءة لبعض نصوصه الشعرية، من بينها قصيدته " أقدار على حافة القطار "، التي يقول فيها:
هذا خيارُ الحُبّ مثلَ الطيْر طارْ
وأنا وأنتِ نَسيرُ في كَبِدِ القِطارْ
مَعَنا انتظارٌ في الجوانِحِ ناقعٌ
ومَسافةٌ عطْشى كرغبةِ "شهْريارْ"
وَحَرارَتانِ تُرافقانِ طريقَنا
فالْعشقُ حَار طعمُه والطَّقْسُ حارْ !
مُتأَسْطِرانِ أنا وأنتِ كأنَّنا
طَلَلٌ قديمٌ فَرَّ من قَدَرِ الْقِفارْ..
ومُعلَّقانِ على الفراغِ كَفكْرةٍ
لم تَلتقِطْها الْكامِراتُ معَ الدَّمارْ..
نَحتاجُ من زُمَر الشُّعورِ بَهِيجَهَا
يالَيْتَ في الدُّنيا شُعورًا يُسْتَعارْ !
آنَ الظَّهيرةِ في المَحَطَّةِ كنتُ أنظُرُ
لا أَراكِ؛ فَلا أَرى ضوْءَ النَّهارْ !
الآنَ.. أنتِ مَعِي فكيفَ أقولُها
"إنّي أُحِبُّكِ"، كيْفَ أَلْتقِطُ الْجِمارْ..؟
تَعِبَ الطّريقُ من الْقِطارِ ولمْ نَصِلْ..
تعِبَ القطارُ من الطّريقِ ومَا اسْتَدارْ !
بعد ذلك قام سعادة عبد الله لعويس رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة و الدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر - نواكشوط، بتكريم شعراء الأصبوحة؛ كما نظم على هامش النشاط الشعري حفل توقيع لديوانيين من الدواوين الصادرة لهذا العام عن دائرة الثقافة بالشارقة وهما: ديوان "التفاحة الزرقاء" للشاعر صلاح الدين الخو وديوان "مسافر في اقتباس الضوء" للشاعر حمن يوسف.