ختتمت مساء اليوم الأربعاء فعاليات الدورة السابعة من "مهرجان نواكشوط للشعر العربي"، وذلك بمقر بيت الشعر – نواكشوط، وسط ارتياح كبير للنجاح الذي حققته هذه النسخة من المهرجان والتي مدت جسور التواصل مع شعراء العربية في بلدان الجنوب والشمال.
وشارك في المهرجان، الذي افتتح الثلاثاء الماضي بقصر المؤتمرات في العاصمة نواكشوط، واستمرت فعالياته 3 أيام (21ـ 22ـ 23 فبراير الجاري)، أكثر من 14 شاعرا و7 محاضرين، وشهد حفلات توقيع لدواوين لمجموعة من الشعراء الشباب الصادرة لهذا العام عن دائرة الثقافة بالشارقة.
وفي حفل الاختتام، خاطب البروفيسور د. عبد الله السيد مدير بيت الشعر – نواكشوط، الحضور قائلا "أريد في ختام هذا المهرجان أن أقدم الشكر والعرفان والامتنان إلى دائرة الثقافة في حكومة الشارقة على ما تقدمه لبيت الشعر ولمهرجان نواكشوط للشعر العربي، ولشركائنا في موريتانيا وزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان وجهة نواكشوط، ولضيوف بيت الشعر القادمين من دول الجوار على وجودهم الجميل بيننا وعلى قبولهم دعوتنا لمشاركتنا ظل بيت الشعر المديد. كما توجه بالشكر للشعراء المشاركين ولرجال ونساء الإعلام، للصحافة الوطنية والدولية التي واكبتنا منذ ما قبل الافتتاح وحتى الآن، وللإعلاميين الذي أشرفوا على تقديم فعاليات المهرجان، ولكل جنود الخفاء، للفريق الذي اشتغل معي، وواصل ليله بنهاره كي نقدم لكم هذا الحدث بتلك الحلة.. شكرا للفريق، لأعضاء كل اللجان، للمتطوعين.... شكر.
هذا، وأشاد ضيوف المهرجان وعشرات الشخصيات الثقافية بالنجاح الذي حققته نسخة المهرجان هذا العام بمدها جسور التواصل مع شعراء العربية في دول جنوب الصحراء.
وكانت الأمسية الشعرية الختامية للمهرجان، والتي قدمتها الإعلامية والشاعرة بلقيس إسماعيل، قد شهدت مشاركة خمسة شعراء من موريتانيا والمغرب والجزائر.
وبدأت الأمسية بالشاعر الشيخ نوح الذي قرأ قصائده "بائعة النعناع"، و"عارضة الأزياء"، ليختم إلقاءاته بقصيدة "السحرة " التي يقول فيها:
مُذرذرون على الصحراء مذْ صغرٍ
أقدارهم سكرة الملموس في النظري
النازفون من الشعريّ أزرقَه
كم زُوبِعوا في سجلّ البحر والسفر!
تكرّروا في شروح التبر.. مذ غمَضوا
وزمْكنوا الظل قبل الظل في الشجر
والآن.. عادوا من الإسهاب
وانغمسوا
في نص شعرية، بالفعل، مختصر
هل قايضوا الريح أوقاتا بلا زمن
كي تنحت الريح حبْوَ الوقت في الحجر؟
أم تمتموا بالذي لم يوحَ بعد..
ولم تقرأه عرافة النيران في الشرر؟
يهذّبون ثعابينا
تُمغْنطهم حتى الدوارات...
منحازين للبشري..!
لم ينتموا لإطار الملح..
كان لهم في سُكّر الرّمل أرواح
بلا أُطر..!
وكلما هاجسٌ للتيه دوّخهم
يلمّعون الخطى فوق الثرى الحذِر!
مُرشرَشون على الأوتار..
إن شطحت ذابوا دراويشَ أنغام على الوتر.
بعد ذلك، استمع الحضور إلى الشاعر أحمد بولمساك، الذي قرأ من قصائده نصا بعنوان " الهروب" يقول فيها:
ذكرتك لم يبقَ منك بذهنيَ غير
التماعات طيف ضئيل
تأوبني في هزيع الدم المتموج
بالأسئله
تأوبني حينما يتماهى الزمان
المقنع في وهج المرحله
تأوبني حين يرتفع الستر عن
صلوات الغمام
وإذ نتنفس أهباء قبرة مهمله
ذكرتك لم يبق منك
على شاطئ الجرح غير اللآلئ
من بث يعقوب تملؤني بالصفاء
لأبصر وجهك كالشعر أو كالغناء
وحين تغسلت
من ماء عذرة باغم روحي رفيف
السماء
ولكن رحلت ولم يبق منك سوى
حلم
وبقايا نداء
سوى لحظة في مرايا التبلج شارقة
بالدماء
وكنت تطلين كالشرفة الساهرة
على مبهمات المدى تتناغم في لحظة
عابرة
وتحفر أغنية الصمت في خلد البحر
كيما يثور
ليقذف بالجيف الآسنات ويمتد
حولك سورا
أيا امرأة تتوحد فيها الروائح
واللون والنغم القزحي
حنانك إن امتدادك في ساحل القلب
أوقد زرقة عينيك بين المرايا
بدوره، قرأ الشاعر المغربي عمر الراجي مجموعة من نصوصه الشعرية من بينها قصيدة يقول فيها:
سمراء يا لغة الرؤى والماء
سمراء مثل حقيقة الشعراء
عربية كالسحر، عيناك المدى
والريق في الشفتين: برق سماء
لا تجرحي ليل الفضول بخاطري
وتيمني خيرا بجوع ظبائي
فلسوف تلتحف الغيوم ببعضها
مطرا من الشهقات والأنواء
ولسوف تنهمر المواسم كلها
في لحظة مجنونة الأسماء
نامي على صدر المشقة طفلتي
يا جنة النار التي بردائي
أنا من ضلوع الشوق في جسد الهوى
نعشي التقاء النار والعنقاء
ودمي التهاب الوصل حين عناقنا
شريانه المجروح بالأعباء.
يا مطلع الأقمار وقت تمامها
لا تنكري فضل السديم النائي
فكواكب الأشواق ضج خشوعها
لما احتوتنا لحظة الإغماء
غراء مثل القمح، أنت روافد
للقادمين، وأنت نبض الماء.
فيما استمع الحضور إلى قصائد الشاعرة الجزائرية هنية لاله رزيقة والتي ألقاها نيابة عنها الشاعر محمد إدومو، ومن بينها قصيدة بعنوان "ترنيمة آخر الليل" منها:
تدحــــــرج الليل في نـفسي بـلا كـــلل
حتّام يــفشي بحار الحـزن في مــُـقَــلِي
عيــناه راحت على الألواح تـــرسـمــني
في وهــــــم ألـعـــابه سرا وفي الـقُـــبَلِ
وطــيفه راح للأوكــار يعــزفـنـــــــــي
قـصــيد عشق لدى الأسـحار في هَـــبَلِ
فَالْـتَفَّ ظلّي خــــــــجولا راح يـتـبـعـــه
حتّـام يـطوي سكون اللـيل في خَــجَــلِي
هــــاجت أنــامـله نحـــــوي تــناشــدني
شوقا تجــــرّعَ منِّي عُـــودُهُ غَــــــــزَلِي
الـرَّمْــــل يَـــرجـف في ليل تَــــوسَّــــدَهُ
مُـخَـضّــبا بـــدمي والــروح في وَجَـــلِ
أُطــفي لظى أضلع قد أورقتْ خُـطَـبِــي
تَـبـــوح للــريح ســــرا في رؤى رسلي
أجلْ سأرحــــــل والــوديان مُـنْـهَـــكـــةٌ
خـلفي تُـبَـعْـثِــر أســـراري عـلى الجـبلِ
تُـضــيءُ فِـيْـنَا رُؤَى للشمس ساطـــــعةً
في كَـفِّـها تُـــورق الأَحْــــلام في أَمَـــــلِ.
لتختتم الإلقاءات الشعرية مع الشاعر اخليهن بوبكر والذي ألقى من بين نصوصه نصا بعنوان " على هامش المعري" جاء فيها:
بالصفحة الزرقاء قد عرّاني
سطرٌ غفَى ب"رسالة الغفران"
جدا تشيب خطى الصباح بلحنِ من
يندسُّ في الذكرى بعزفِ كمانِ
ضجراُ يدخنُ حزنَهُ سيجارُه
بالنفثِ دسّ دخانه بدخاني
قد صافح الأشياء قبل أوانها
متدفقا كالجمر من أفرانِ
ضاقت به الأرض التي من بطنها
متدفقًا قد جاء كالبركانِ
هذا الذي بالشعر راود مريمَ
الإيحاءِ...مُذ أنْ هزَّ نخلَ معانِي
فتساقطَت رطبُ الكمالِ على يدَيْ
نجواهُ بالشعريِّ والإنسانِي..!
بملامح الإنسانِ شكل لوحة
تكتظُّ بالأنقى من الأزمان
أثوابه من آدمٍ لمحمدٍ
مثقوبةٌ بالشكّ..بالإيمانِ
لما شدى صوتا بدتْ قسماتهُ
منحازةً لسماحة الأديان.
وقد طلب جمهور بيت الشعر من الشاعر محمد عبد الله البريكي أن يتحفهم بإلقاء شعري، وهو ما استجاب له وتفاعل مع الحضور بحماس كبير.
بعد ذلك وزع مدير بيت الشعر – نواكشوط ومدير بيت الشعرـ نواكشوط شهادات التقدير على المشاركين في الأمسية الختامية. وتوجه الحضور بعد ذلك إلى قاعة خصصت لحفل توقيع ديوان " شذا الأسماء" للشاعر المختار أحمدو أد على هامش الأمسية الختامية.