ندوة نقدية في بيت شعر نواكشوط عن الشعرية في التجربة العربية

نظم بيت الشعر ـ نواكشوط  في إطار برنامجه "مقاربات نقدية" ندوةً تحت عنوان: "الشعرية في التجربة العربية: دوائر النقد العربي وحلقاته"، وذلك مساء اليوم الخميس، 24 مارس 2022؛ حاضر فيها أربعةٌ من الدكاترة والأستاذة الجامعيين المتخصصين في الشعرية والسرديات وهم: د. سعيد يقطين، أستاذ الأدب بكلية الآداب في الرباط بالمغرب، وزميله في نفس الكلية د. محمد الداهي، و د. معجب العدواني أستاذ الأدب بجامعة الملك سعود في الرياض، والأستاذ بكلية الآداب بجامعة القاضي عياض بمراكش د. إدريس الخضراوي؛ و أدارها الأستاذ الدكتور محمد الأمين مولاي ابراهيم مدير مدرسة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الانسانية، جامعة نواكشوط العصرية.

بدأت الندوة مع  مدير الجلسة الدكتور محمد الأمين مولاي ابراهيم، الذي قدم  موضوع الندوة وشرح خطوط التلاقي العديدة بين الشعرية العربية التي كانت هي الأساس التي ولد لاحقا ما بات يعرف بالسرديات؛ ثم شكر بيت الشعر  على الندوة و شكر إمارة الشارق على دورها الريادي في خدمة الثقافة والأدب واللغة العربية  قبل أن يفسح المجال للمحاصرين.
أول المتحدثين كان الدكتور سعيد يقطين الذي كان من أوائل المنظرين والمؤلفين في موضوع السرديات العربية؛ و اختار أن يبدأ بتمييز المصطلحات لتوضيح الفروق بين الشعريات والسرديات؛ وخلص إلى الحديث عن الشعرية العربية من بوابة الخاصية الشعرية تحديدا؛ وأكد الدكتور سعيد أن خاصية الأداء هي جزء أساسي من شعرية النص الشعري القديم، فهي تمنح  النص الشفاهي قيمة إضافية قد لا يتمتع بها وهو نص مكتوب بعيدا عن أداء قائله. وحديثا أصبح من الضروري كتابة النص ليس من منطلق شفاهي (الكتابة التناظرية)، بل تكون كتابة  تراعي علامات الترقيم و توزيع الكلمات على الصفحة فيما يعرف بالتشكل البصري؛ فربما مثلا لو كُتبت المعلقات بهذه الطريقة ستشكل علاقة جديدة مع القارئ العربي.
بعد ذلك تحدث الدكتور محمد الداهي الذي أبدى في البداية سعادته بوجوده في موريتانيا وشكر دعوةَ جامعة نواكشوط وبيت الشعر؛ وتحدث عن  الشعرية التي تعني فن التأليف، وهو مصطلح يلتبس أحيانا مع مصطلح الشاعرية، وعرج الدكتور الداهي على أن الشعرية ليست مقصورة على الشعر، بل يمكن إسقاطها على الفنون والآداب الأخرى ما دامت تستعير بعض عناصر الشعر و خصائصه.
بعد ذلك تناول الكلام الدكتور معجب العدواني، وقد اتفق مع زميليه الذين سبقوه في ما يتعلق بالنقاط التي أثارها كل واحد منهما ثم تحدث عن أنه يجب التركيز على إعادة قراءة ما سطره النقاد العرب الأوائل على بساطته وإيغاله في السطحية؛ و خلص إلى أن الشعر كان و ما زال محظوظا لاتساع مساحة  الاهتمام به في كل العصور. 
أما آخر المتدخلين فكان الدكتور إدريس الخضراوي الذي أكد أن موضوع الندوة يتمتع بالراهنية بشكل دائم في الفترة الأخيرة؛ وقد ركز على فكرة أن الشعرية هي امتداد لنظرية المحاكاة التي أطلقها أرسطو، غير أن المفهوم أعيد تأهيله في الستينيات ليأخذ هوية جديدة وتعريفا مختلفا، ليصبح جوابا  على سوال متجدد وهو: ما الذي يجعل من الشعر شعرا؟
ثم أنهى مداخلته بالتأكيد على أنه لم تعد الشعرية شعرية واحدة بل أصبحنا  الآن أمام شعريات متعددة مثل الشعرية التاريخية والشعرية الاجتماعية والشعرية المقارنة.  
واختتمت  الندوة بكلمة لمدير بيت الشعرالدكتور عبد الله السيد رحب في مستهلها بضيوف موريتانيا وتمنى لهم مقاما سعيدا في بلدهم الثاني قبل أن يرحب بهم في بيت الشعر، ويشكرهم على تلبية الدعوة؛ ويقدم  لهم مشروع بيت الشعر نواكشوط. الذي هو جزء من مشروع أكبر، هو بيوت الشعر  تلك المبارة التي أسسها وأطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وخلص الدكتور عبد الله السيد  إلى إنه من بين أهداف بيت الشعر نواكشوط الانفتاح على السياقات الثقافية المختلفة بما في ذلك الظاهرة  الأدبية، مثل هذا الانفتاح على هذه القامات العلمية الأدبية التي تزور موريتانيا هذه الأيام للمشاركة في مؤتمر أدبي تنظمه جامعة نواكشوط، وهم أستاذة أعلام  في مجال الأدب عموما، والشعرية  والسرديات على وجه الخصوص.