أعتقدُ أنَ ثمةَ أمكنة لم تجدْ بعدُ نصيبها من التسطير ، أمكنة مهملة ومتروكة لأشخاص لا يكتبون ، أمكنة لم يدلف السرد إليها بعد رغمَ ما فيها من أقاصيص خبيئة وأدغالٍ محيرة وأشخاص واضحينَ يجيبونَ على أسئلة لم تطرح عليهم ويشعرون بالنقص رغم عضلاتهم المنفوخة وأسماتهم المهيبة وأشكالهم المحفوفة بالوسواس.
هؤلاء طرواديُونَ هربوا من المدينة بعد الحصار ، أو لعلهم جنائز لم تدفن ، أقصد أرواحهم الفانية!
إنهم مثل المكواة فارغين من الداخل ، ومشتعلينَ من الخارج يتهيّبونَ النساء ويمشونَ على أصابعهم كيْ لا يوقظوا امرأةً مدفونةً في قامة رصينة ومحكمةٍ ، دقيقة كعجوزٍ من الفُلان!
هناكَ في الصالات الرياضية (الجيم) تقبعُ تأويلاتٌ ثريةٌ لما يجولُ في خاطر الحياة من تناقض و ينكشفُ اللُبوس البشريّ تتعرى الأرواحُ الهزيمة ، ويبقى الإنسنُ كما هو ، لا شيء! مجرد كائن من العقد والنميمة ، حيوانٍ مزيف يستعيضُ عن القراءة بالأثقال.
الإنسانُ في الصالات الرياضية بدائي ومسالم ، لا يُشكل خطرا على أحد ، ولا يُهدد بالسكاكين ، مع ذلك تنقصه القيمة ، القيمة الجوهريّة التي بمقدورها أن تقفزَ به من مرحلة الوحش إلى التطور هذه المرحلة المهمة التي قد لا يصلها إلى الأبد.
إنه لا يصدقُ أن امرأةً تقعُ في حبِ رجلِ بلا عضلات ، ولم يكتشف بعد أنَ الدنوَ المقيتَ من المرأة قد يفززُها ويجعلها تطير بلا أوب.
ولأنه بريئ وشعبيٌ ك " الضفدعة" يتماهى مع أمزجة كلّ القاصدات المكان ، ويقدمُ خدماته دونَ أن يُطلب منه ذلك ، يُدربُ تلكَ ويرفع مع تلكَ ثِقلا ، وبهذا يتحولُ إلى كائن مجانيّ غير مرغوبٍ فيه كعشيق ، بل كمجرد مِسطرة تستخدمها المرأة لرسمِ أنوثتها أمام صديقاتها الحاضرات وهكذا يفقد هو ثقته بنفسه ويواصلُ رفع الأثقال مظنةً منه أنه لا يزال يحتاج المزيدَ من الكيلوغرامات كيْ يُقنعَ عوالم المرأة الشائكة!
مرةً دخل أحد الزبناء الجدد وبادٍ عليه أنه من أولئك الأطفال الذين لم يلعبوا في صغرهم ، ولم يداعبوا حلمة أو يركضوا في الشارع "fils d Papa" دخل وفي الجهة اليمنى رأى حشدا من الجميلات السُمر ، فسره المنظر ومباشرة عمدَ إلى ٱلة سميكة لا أستطيع لها وصفا ، لكنني أقدر أنها تزن المائة كيلو غراما ، اجتهد عليها حتى رفعها وهكذا ظلَ يفعلُ حتى أصيب بالإجهاد ولم يلتفت إليه أحد سوى أنثى ساخرة قالت لصديقاتها : إنه بالكاد يزنُ العشر كيلو غرامات فكيف استطاع أن يحمل هذا الثقل كله؟ قمعنَ فيهنَ ضحكة مسموعة واشمأزَ هو من الموقف وانصرف لحال سبيله ولم يرجع إلى الأبد!