انطلقت مساء اليوم الأربعاء، 13 من سبتمبر، بمقرّ بيت الشعر نواكشوط الجلسة الثانية من مهرجان الأدب الموريتانيّ تحت عنوان "الرواية الموريتانية من التأسيس إلى المشهد المعاصر" وقد شهدت هذه الجلسة أربع مداخلات علمية مع دكاترة أساتذة جامعيّين ومختصّين في الأدب وهم: د. محمد الأمين مولاي إبراهيم، د. سيدي محمد سيدي الهادي، د. أحمدو آكاه، ود. محمدو احظانا، كما أدلى بالشهادة تعقيبا على المحاضرين الأساتذة الكاتبان الروائيان الشيخ أحمد بوحبّيني ومحمد محمد سالم فيما أدار الجلسة د. إدوم محمد الأمين العباس.
في مستهلّ الجلسة رحّب الدكتور إدوم محمد الأمين العباس بجمهور الأدب والمهتمّين به، متقدما بالشكر والعرفان لدائرة الثقافة بحكومة الشارقة على ما تبذله من جهود ثقافية وفكرية ودعم للمشاريع الحضارية الكبرى، كما شكر الدكاترة المحاضرين، وعن موضوع الندوة قدّم آراءه وأفكاره حول ظهور الرواية في السياق الموريتانيّ مبيّنا أبرز وأهمّ الاهتمامات السردية التي تبنّاها الجيل الأوّل من الرّوائيّين. ليحيل الكلمة بعد ذلك إلى الدكتور محمد الأمين مولاي إبراهيم الذي أثار في محاضرته سؤال ظهور الرواية ومسار التأسيس الذي أخذته، متعبرا أنه على رغم تعدد الدراسات النقدية في بعدها الدراسي والوصفي التي انشغلت بالرواية الموريتانية إلا أن المداخل المؤرخة لها ظلت محدودة". وأضاف " ظهرت الرواية الموريتانية مع مطلع الثمانينيات نتيجة لتحول في النثرية العربية تراجعت معه النثرية الفقهية المنتجة للاشكال السردية التراثية."
في حين اختار المحاضر الثاني د. سيدي محمد سيدي الهادي تقديم ورقة علمية عن ملامح الخصوصية في الرواية الموريتانية، معدد جملة من الخصوصيات التي تميزها ما "يظهر على مستوى المضامين الحكائية للبيئة والمجتمع الموريتاني إضافة إلى تقديم تاريخ البلاد الموريتانية بطريقة أدبية مغايرة للسرد التاريخي الموضوعي، وكذلك التصوير لحياة مجتمع هجين بين البداوة المتمحضة والعصرنة المستحدثة".
وقد تحدّث د. أحمد آكّاه المحاضر الثالث في الندوة عن "نمذجة الرواية العربية في موريتانيا " معتبرا أن الرواية الموريتانية جاءت متّسمة بتعدّدية في مستويات اللغة بتعدّد المنطوق الاجتماعي للمجتمع الموريتاني، ولكن بما هو عربيّ، فلم يكن الميل إلى العامّيّة في أغلب النّصوص الرّوائية الموريتانية إلا في حالات التّماهي اللسانيّ والأسلوبيّ.
أمّا د. محمد احظانا فقد تساءل في محاضرته عن السّمة النّاظمة التي تميّز الرواية الموريتانية عن غيرها من الروايات المغاربيّة معتبرا أنّه لا يمكن الجزم بأنّ للرواية الموريتانية علاقة أقوى بالرواية المغاربية منها بالرواية العربية عموما، فهي رواية أكسبتها الصحراء سحنة تجعلها تتداخل مع الروايات المشرقية العربية خاصة روايات المجتمعات الصحراوية في الجزيرة العربية، وذلك لتشاكل بنيات الوعي الجمعي وتأثير موضوع الرواية في الكاتب".
وفي سياق الإدلاء بالشهادات قدّم الروائي الأستاذ الشيخ أحمدو بحبّين ورقة حول موضوع "الكتابة الروائية بين الهواية والاحتراف" معتبرا أنّ هناك شبه اتفاق بين النقّاد على بروز أربع اتّجاهات في الرواية الموريتانية هي: الاتجاه التاريخيّ والاتجاه الواقعيّ والاتجاه التجريبيّ واتّجاه الخيال العلميّ.
في حين تحدّث الرّوائيّ محمد أحمد سالم عن إشكالية الكتابة الروائية في مجتمع الإنشاد، معتبرا أنّ الكتابة السردية لم تكن رائجة في الأدب الموريتاني قبل نشوء الدولة الحديثة متحدّثا بعد ذلك عن بدايات اكتشافه لعوالم السرد واهتمامه بها مستعيدا بعض الذكريات حول الانطباعات التي تلقى بها الجمهور كتاباته، مختتما مداخلته بأنّ (ما يكتبه الموريتانيون من رواية لا يقلّ إتقانا وفنّا عن ما يكتب في أيّ بلد من البلدان العربية لولا تحدّيات النّشر المعيقة) بحسَب تعبيره.