ثلاثة نقاد يحاضرون عن " إشكالية الأصالة والتجديد في الشعر الموريتاني"

نظمت مساء اليوم الخميس 14 من سبمتبر بقاعة الأنشطة في مقرّ بيت الشعر- نواكشوط الجلسة الأخيرة من الندوات النقدية ضمن فعاليات مهرجان الأدب الموريتانيّ المنعقد بمناسبة نواكشوط عاصمة للثقافة في العالم الإسلاميّ، والتي ناقشت موضوع " الشّعر الموريتانيّ بين الأصالة والتجديد" وقد شهدت الندوة مشاركة كلّ من د. الشيخ ولد سيدي عبد الله، و د. أحمد بوبكر الإمام، ود. ولد متّالي لمرابط أحمد، بينما أدار الجلسة د. عبد الله السيّد.
وفي مفتتح الندوة رحّب رئيس الجلسة مدير بيت الشعر د. عبد الله السيد بجميع المشاركين، وشكر القائمين على خدمة الثقافة والإبداع وعلى رأسهم صاحب السّمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للإمارات العربية المتحدة حاكم الشارقة الذي ساهم بمشاريعه الحضارية ورؤاه الثقافية في إرساء مجتمع علمي ومعرفي وأدبي. 

وقد ألقى المحاضر الأوّل د. الشيخ سيدي عبد الله في محاضرته التي بعنوان " الشعر الموريتانيّ: من أصالة المنوال إلى حداثة السّؤال" كلمة تضمّنت سياق نشأة الشعر العربيّ في بيئة صحراوية منعزلة عن الحواضر الثقافية تهتمّ باللغة وعلومها، مفضّلة الشعر والمسجوعات ميلا إلى الموسيقى مقابل شبه إهمال للدرس النقديّ التراثيّ، ونتيجة لهذه الظروف كان الشعر الموريتانيّ في مراحله الأولى تقليديا بحتا، مركّزا على الابتهالات والتربية والاقتداء بنمط النصّ الجاهليّ دون خلخلة للأنساق المعهودة، ومع مطلع السبعينيات، وتطور الذّائقة وانفتاح الشعراء على العالم الخارجيّ معرفيا وحضاريا ظهرت الحداثة دفعة واحدة مشكّلة ما أسماه (الطّفرة الشعريّة الجديدة)، وأصبحت بعد ذلك القصيدة مراعية البيئة الموريتانية والظّروف الإنسانية للشعب ومختلف القضايا المصيرية والعالمية.

وعبّر المحاضر الثاني د. أحمد أبو بكر الإمام في كلمته الموسومة " أصالة الشعر الموريتانيّ الحديث من خلال القراءات النقدية في قصيدتي  'السفين' و 'الزمن والدّم" عن كون إشكال التحديث طرح نفسه فجأة على الموريتانيين << إبّان سيرورة تجري خارج وعي المجتمع وتنسق تغييرا للواقع وتدفعه إلى التشكل وفق صيرورة حضارية محتومة يقف الفرد حائرا أمام فكّ ألغازها وتحديد أبعادها في ثورة وتمرّد على الواقع ومحاولة للحاق بركب الأقطار المتحضّرة>> مقدّما القصيدتين أنموذجين للتجربة الشعرية الحداثية وبرهانا على أصالة الشعر الموريتانيّ الحديث.
فيما تطرّق المحاضر الثالث د. ولد متّالي لمرابط أحمد خلال محاضرته إلى " مظاهر التجديد في الشعر الموريتانيّ الحديث" ووضّح بأنّ المطالع لمسيرة الشعر الموريتانيّ الحديث يلاحظ << اختلافات واضحة في الفضاءات الزّمنيّة والثقافيّة بين موريتانيا والمشرق العربيّ خصوصا مقدّما أمثلة لعدة نصوص شعرية مثل: "طابور" و "الأرض السليبة" 1967>>
وقد أبان أن الانفتاح شهد أوجه أواخر التسعينيات ومطلع الألفين مع الشاعر د. محمد ولد عبدي، كما تتعدّد الرؤى التي انطلق منها الشعراء الموريتانيون على مستوى الكتابة النصّيّة وأنه من << الملاحظ عدم اهتمامهم بالحديث عن هذه الرؤى على مستوى الكتابة النقدية، حيث تندر البيانات الشعرية>>.

وفي ختام الأمسية أثار الجمهور الذي تنوّعت خلفياته المعرفية بين دكاترة جامعيّين وأساتذة وباحثين لغويين وأكادميّين وشعراء ومهتمّين بالأدب والحقل الثقافي جملة من الأسئلة والاستشكالات مقدّمين مداخلاتهم وآرائهم حول موضوع الأصالة والحداثة مثرين بذلك الأمسية.